الراي نيوز  - ربيع العدوان

يبدو أن الصهيونية تشربت من النازية الكثير، فبعيداً عن الوحشية في إراقة الدماء، وعشق القتل والتطهير والإبادة العرقية، فقد تبنى الصهاينة الطريقة النازية في الدعاية الإعلامية "البروباغاندا" التي تبناها وأتقنها وأول ما عمل فيها، وزير الدعاية النازية وأقرب المقربين من هتلر وزعيم برلين يوزف جوبلز.

جوبلز كان يعتمد على قاعدة إكذب .. إكذب .. حتى تصدق نفسك، وهي القاعدة التي يستخدمها الكيان الصهيوني في رسالته للعالم، فبعد سقوط الرواية الصهيونية التي حاولت تسويق المجازر التي ترتكبها في قطاع غزة وصرفت عليها ملايين الدولارات وحاولت شراء ذمم عدد كبير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في أمريكا وأوروبا والذين كشفوا ذلك علانية، حيث عرضت الدوائر المسؤولة عن الدعاية 1500 دولار مقابل 5 منشورات تدعم الرواية الصهيونية على أحد النشطاء، فيما عرضت 5 آلاف دولار على أحد ناشطي "تيك توك" مقابل بث مباشر لدعم روايتها، ولكن ذلك فشل بعد أن استوعبت الشعوب حول العالم الكذب الصهيوني مما أثبت فشل تلك الدعاية وأُجبرت وزارة الخارجية للكيان على وقف تمويلها بسبب الأزمة المالية التي تسببت بها الحرب على قطاع غزة.

سقوط اسرائيل الحقيقي كان في الرواية المضادة التي خلقتها بنفسها، وأتت المليارات التي دفعت لشراء ذمم الداعمين من سياسيين وخبراء ومؤثرين ومحللين عبر الفضائيات الشهيرة، وحتى تمويل وإنشاء وسائل الاعلام في الغرب أدراج الرياح، عندما أيقظت في العالم وهج القضية الفلسطينية من جديد، عندما خلقت جيلاً من داعمي القضية الذين بحثوا في كتب التاريخ والحاضر عن أصل الصراع ووجدوا الكذب أساس لبناء هذا الكيان، اكتشفوا أن اليهود أصحاب الديانة يعارضون إقامة دولة اسرائيل لأنها تعني الخراب ونهاية اليهود حسب معتقداتهم التوراتية، اكتشفوا أن الكيان تأسس على دماء الأبرياء العزل بعد أن منحهم الانتداب البريطاني أرضاً لشعب سكنها منذ الأزل، دمروا حضارة لبناء كيان منبوذ مكروه معزول هجر من أوروبا للخلاص منه.

لم تكن ردة الفعل الشعبية العالمية وإمتلاء شوارع العواصم العربية والأوروبية وأمريكا اللاتينية وأفريقيا و أعز حلفائها الولايات المتحدة ومن أنشئها بريطانيا بداعمي القضية الفلسطينية والرافضين للحرب على غزة، إلا إعلاناً عن سقوط اسرائيل قبل روايتها، ارتفاع معدل الرافضين والكارهين لهذا الكيان على مستوى العالم يقلق حتى الخبراء الاستراتيجيين فيه، يزيد من الخلافات مع من اعتقدوا أن العلاقة مع هذا الكيان ستكون مفيدة لهم.

الكذب والسرقة الصهيونية بدأت من الفلافل والثوب والدبكة وتزوير المخطوطات التاريخية التي دست في أماكن تاريخية، بالإضافة لتزوير المقابر الاسلامية القديمة ونقش الكتابات العبرانية على القبور، والتي استخدمه وسيلة لخلق حضارة وثقافة وتاريخ غير موجود لدولة وجدت "منهل" في مدينة حيفا أكبر من عمرها، حتى مهاجمة كتيبة الأطفال الخدج في مستشفى الشفاء الطبي والذي كشف زيف وفشل استخباراتي ورط الإدارة الأمريكية للمرة الثانية بعد أن ورطها في روايات ذبح الأطفال على أيدي المقاومين التي كذب بها نتنياهو في اتصال وهو يبكي على الرئيس بايدن الذي تبناها قبل أن يعود البيت الأبيض للـ"ترقيع" خلفه وينفيه.

سقوط آخر للكيان، كان ببناء جيل قادم من المقاومين الأشداء متسلحون بحب الوطن والتمسك بالأرض ومغذى بالانتقام لأرواح من فقدوهم، فمنهم من فقد والداً ومنهم من فقد أخاً ومنهم من فقد شقيقة أو أم أو حتى صديق وجار، منهم من فقد بيته أو مدرسته أو عاش ليالي من الجوع والعطش تحت القصف، وكل هذا سيعود أضعافاً من المقاومين الأشداء على الكيان مستقبلاً، بعبارة أدق خلق جيل التحرير، وأعادهم لرشدهم وانتباههم، فعندما تجد الأطفال يمتثلون لأمر الناطق الرسمي باسم المقاومة "أبو عبيدة" يتشبهون بصورته يتحدثون مثله يحفظون كلماته، فهذا الانتصار الأكبر للمقاومة وبداية طريق التحرير.

سقطت اسرائيل عندما فشل مخططها الساعي للتهجير بعد كشفه بغرور قادته، فالمواقف تبدلت بعد كشف حقيقة المساعي التي كانت تنتظر شرارة، خطة الترانسفير والإبادة التي سعى اليها الكيان فشلت، أولا بصمود وتمسك أبناء غزة والضفة، ومقاومتهم من أجل التحرير، وثانياً بردة الفعل القاسية التي قدمها الأردن واعتبر ذلك إعلاناً للحرب، ومصر التي رفضت استخدام سيناء وأغلقت معبر رفح بالطوب، وبالتالي فإن المخطط الذي تصرف عليه اسرائيل وحلفائها مليارات وخبرات ودهود منذ سنوات قد انقلب رأس على عقب، حتى أن الإدارة الأمريكية التي روجت لإنهاء المشكلة بتهجير الغزازوة إلى سينا قد تغير وتبدل وتم رفضه.

بشكل عام لم يعد للصهاينة أن يجدوا جوبلز جديد، ولم يعد بمقدورهم الكذب أكثر، فحقيقة الإجرام والعنصرية لديهم بلغت ذروتها، والعالم الحقيقي النقي قد كشفها، وقد سقطت الدعاية التي بدأها هيرتزل منذ عام 1897 في مدينة بازل السويسرية، والأهم هو زيف هذا الكيان الذي سقط استخباراتياً وعسكرياً وقيمياً واستراتيجياً على يد 1200 فدائي مقاومين خرجوا من قطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة ومقيد وبأسلحة خفيفة، والخسارة العسكرية التي يتعرض لها ما قيل عنه الجيش الأقوى في قطاع غزة يومياً من أرواح وآليات وفشل استخباراتي في إيجاد الرهائن والأسرى لدى المقاومة دليل على أن الجيش الأقوى هو أسطورة وليس حقيقة.

ولذلك فقد كانت هذه الحرب بداية السقوط لهذا الكيان ..